السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أين هــذه الأخـــوة ؟
إخوتاه :
يا لهف نفسى على خل إفتقدت يداى يده !!
يا لهف نفسى على أخ كان ودى وده !
كان يجمعنا رباط فتناثر عقده .
كان لا يفارقنى سبيلاً فكيف بغول الطريق بعده ؟ !
وكأنها الدنيا تأبى حبيباً تديمه فما يلوح حتى ترده .
وكيف صفاء العيش للمرء بعدما تغيب عنه رهطه وحبه ؟
أما كان ربى ربه ؟ أما كان قصدى قصده ؟
أما كانت صلا تنا صلات قلوبنا أم قد قطع عهده ؟
أما كنا إذا باشرنا معاً أمراً تدنو أقاصيه ويهون أشده ؟
يا قوم ، إنى أريد أخى هذا فمن ذا يدلنى عليه حتى أرده .
آه من زمن اتخذ الناس فيه أهواءهم آلهة من دون الله !!
آه من زمن عبد الناس فيه المادة وأقبلوا على المنافع والمصالح !!
آه على زمن الفرقات والشتات ، آه على زمن قانونه " هات هات " ، زمن الجلب دون العطاء ، زمن الأنانية وحب الذات ، بل قل عبودية الذات .
ياقوم إنى أبحث عن حبيبى فى الله ، عن مؤنسى فى وحشتى ، عن مشاركى فى غربتى ، فهل بالله وجدتموه ؟.. هل بالله رأيتموه ؟ .
الأخوة صفاء القلب لله ، طمأنينة الفؤاد ، وراحة البال ، وهدوء الضمير ،
فلا نرتقب خوف الغدر وحسد الأعين وأذى الأيدى وكيد القلوب وحقد النفوس ، إنها ظلال الحب فى الله .
نحتاج إلى أخ كالمرآة ، يقيل كل منا الآخر من عثراته ، يحوطنى وأحوطه من ورائه ، يقيمنى وأقيمه ، يعيننى وأعينه ، فأين هذه الأخـــوة ؟!!
إن السبيل إلى إيجاده يبدأ من ذات كل واحد منا ، إننى كى أجده لابد أن أبدأ بنفسى .. فأكون أنا أخاك قبل أن أنتظر أن تكون أنت أخى .
كن أنت أخاً لكل من ترجو منه نظير ذلك تجن جزاءك وفاقاً .
أخى ...
امش ميـلاً وعد مريضـاً ، وامش ميليـن وأصلح بين اثنين ، وامش ثلاثة وزر أخاً فى الله ،
هـــذا جمال الأخوة ما أروعه !
هذه نسمته ما أجملها ! تلك روضاته ما أحلاها ! ..
فالأخوة الترنيمة الجميلة التى تهدأ بها النفوس ،
الأخوة الواحة التى فى ظلها تستريح القلوب .
كان محمد بن واسع يقـول : لم يبق من حلاوة العيش إلا ثلاث : الصلاة فى جماعة ، وكفاف من معاش ، وأخ يحسن المعاشرة .
( قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه ) رواه مسلم
هذه شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما الثالثة فهى محل الشاهد " أخ يحسن المعاشرة "
قال ابن الجوزى : " وأخ مخلص وفى أندر من عنقاء مغرب " .
اللهم ارزقنا إخواناً نحبهم ويحبوننا ، ولكن حذار من فوات الإخلاص ! والإخلاص عزيز .
إخوتاه :
الأخ لأخيه أشد إلتصاقاً من الكف بالمعصم ،
ولاخير فى الكف المقطوعة ،
ولا خير فى الساعد الأجزم ،
إذا فزت بأخ فى الله فتمسك به ،
فأخ إخاء خير من أشقاء ولادة .
إخوتاه :
أخوك.. من خالفك على الهوى ، وأعانك على الحق ، وإن خالف الحق هواك .
أخوك .. من وافق سره علانيته ، فالصدق ! الصدق ! .
أخوك .. إذا صد عنك أقبلت إليه ، وإذا بعد عنك تدانيت منه ، وإذا حرمك بذلت له .
وإياك والتلون فى الوداد ، فالمودة ماء الحياة ،
ولا خير فى متوادين ينمو بينهم الخلل ،
وكل ما يعكر وداد الأخوة الصادقة سحابة صيف ما تلبث أن تنقشع ،
والعين حينئذ تنطق ، والأفواه ساكتة حتى ترى من ضمير القلب تبياناً .
إخوتاه :
لا خير فيمن يبادر السلام وتحت ضلوعه قلب سقيم ،
إذا سلم اللسان ، وصافحت اليد
فلا بد أن يسلم القلب كما سلمت النظرة والهمسة والابتسامة والكلمة .
إخوتاه :
كان بعض السلف يحذر من الإفراط ، ويدعو إلى ازدياد المودة فى القصد ، وخفض الصوت ، وقلة الإعجاب ، ولزوم التواضع ،
وترك الخلاف ، وعدم الإكثار على أخيك بالأعمال فيملك ويسأمك ، يقول : فإن المرضع إذا كثر مصه ربما ضجرت أمه فتلقيه
قال إياس بن معاوية لشيخ له : ماذا أفادك الدهر ؟ قال الشيخ : العلم به
قال إياس : ماذا رأيت أحمد ؟ قال الشيخ : أن يبقى للمرء أحاديث حسنة بعده .
إخوتاه :
يامن تعانون الأحزان ، وتقاسون من المحن والأشجان ، إخوانك جلاء أحزانك .
مر عبد الله بن مسعود مرة على أصحابه فقال : أنتم جلاء أحزانى .
نسأل الله أن يعافينا من الهم والحزن ، ومن العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، ومن غلبة الدين وقهر الرجال .
إخوتاه :
أخوك حارسك ، عينك التى تبصر بها ما لا ترى .
أتى عمر بن عبد العزيز لأحد العلماء فقال : إن الملوك يجعلون العيون على الخليقة ، وأنا أجعلك عيناً على الخليفة ،
خذ بتلابيبى وقل : اتق الله يا عمر .
إخوتاه :
تمتعوا بلذة الحب فى الله ، وتواصوا بوصية الفاروق عمر رضى الله عنه حين قال : جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة .
ومن رقة الأفئدة تبدأ المودة ، فعاشر الأخوة بالبشاشة والبسمة اللطيفة وطلاقة الوجه وإنفراج الأسارير .
قيل لأحد السلف : ما أبشك !! قال : إنه يقوم على برخيص نعم ما يكلفك شيئاً فلماذا تضن به ؟
قال حبيب بن ثابت : من حسن خلق الرجل أن يحدث صاحبه وهو يبتسم .
إخوتاه :
من لي بأخ يصفو لي كصفو الماء الزلال ، لقاؤه يسر ، وعده وفاء ، بعيد عن السوء ، لسانه عف ، طرفه كريم .
قال أحدهم : بلغنى عنك شيئاً كرهته .
فقال له أخوه : لا يضرنى عندك .
قال : ولم ؟
فقال له : لأنه إن كان ذنباً غفرته ، وإن كان باطلاً لم تقبله .
فقال له : مثلى هفا ومثلك عفا .
قال : مثلك اعتذر ومثلى اغتفر .
إخوتاه :
بعد كل هذا هل نويت ؟ .. هل ستزداد محبة لإخوانك ؟ .
هل ستحسن أخلاقك مع خلانك ؟ .. هل سيحسن ظنك بهم ؟ .
رجاءً ضعوا هذه الكلمات دائماً أمامكم ،
واتخذوا من الآن إخوة تحبونهم فى الله ،
تبحثون عنهم وستجدونهم ، تمد إليهم يدك لتتعاونوا على طاعة الله .
الأخوة كنز أغلى من الذهب
زين فى الرخاء ، وعدة فى البلاء .
هذا والله تعالى اجل وأكرم وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .